بعد استكمال التوسعة الكشف عن عدد منارات المسجد النبوي في 2025 والمميزات الجديدة التي أضيفت لها في خطة التطوير التي أعلنت عنها شؤون الحرمين

بعد استكمال التوسعة الكشف عن عدد منارات المسجد النبوي في 2025
  • آخر تحديث

تعد مآذن المسجد النبوي إحدى أبرز المعالم الإسلامية وأكثرها تفرد من حيث الشكل الهندسي والتاريخ العريق الذي تحمله، فهي ليست مجرد أبراج مرتفعة ترفع الأذان، بل تمثل جزء من الإرث الإسلامي العظيم الذي تطور على مر العصور ليواكب التوسع المستمر للمسجد.

بعد استكمال التوسعة الكشف عن عدد منارات المسجد النبوي في 2025

هذه المآذن العشر، التي تتوزع اليوم في أركان المسجد النبوي، لم تكن موجودة في العهد النبوي أو حتى في عهد الخلفاء الراشدين، حيث كان المؤذنون في تلك الفترة يصعدون إلى أماكن مرتفعة لإبلاغ المسلمين بدخول وقت الصلاة.

كيف كان الأذان في عهد النبي ﷺ؟

في العصر النبوي، لم يكن هناك مآذن كما نعرفها اليوم، بل كان المؤذن يرتقي إلى سطح مرتفع أو على أحد أسطح المنازل القريبة من المسجد لينادي للصلاة.

وقد كان بلال بن رباح رضي الله عنه أول مؤذن في الإسلام، وكان يؤذن فوق بيت امرأة من بني النجار، حيث كان ذلك المكان مرتفع بما يكفي ليسمع الناس الأذان، ولقد أشار النبي ﷺ إلى فضل صوت المؤذن بقوله: "لا يسمع مدى صوت المؤذن، جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة" (رواه البخاري).

ومع تزايد عدد المسلمين واتساع المدينة المنورة، ظهرت الحاجة إلى أماكن أعلى ليصل النداء إلى أكبر عدد ممكن، فبدأ الانتقال من الأذان من سطح المسجد إلى بناء أبراج مرتفعة مخصصة للأذان، والتي عُرفت لاحقًا بالمآذن.

مراحل تطور مآذن المسجد النبوي عبر التاريخ

على مر العصور، شهدت مآذن المسجد النبوي العديد من التعديلات والإضافات التي عززت من هيئتها الهندسية، حيث كانت أولى الإضافات الموثقة في عهد الدولة الأموية ثم العباسية، حتى وصلت إلى شكلها الحالي في العهد السعودي الذي شهد أكبر توسعة للمسجد النبوي.

تحسينات الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله: بناء مآذن جديدة وإعادة تصميمها

في الفترة ما بين 1370 - 1375هـ، أجرى الملك عبدالعزيز -رحمه الله- تحسينات كبيرة على المسجد النبوي شملت المآذن، حيث تم الإبقاء على مئذنتي الجهة الجنوبية للمسجد، بينما أُزيلت ثلاث مآذن قديمة، واستبدلت بمئذنتين جديدتين في الركنين الشماليين، وبلغ ارتفاع كل واحدة منهما 70 متر، كما تم تصميمهما على أربعة طوابق:

  • الطابق الأول: مربع الشكل ويمتد أعلى سطح المسجد، ويعلوه مقرنصات تحمل شرفة مربعة.
  • الطابق الثاني: مثمن الشكل ومزين بعقود، ينتهي بشكل مثلثات تعلوها مقرنصات وشرفة أنيقة.
  • الطابق الثالث: مستدير الشكل، مزخرف بدالات ملونة، ومزين بمقرنصات تعلوها شرفة دائرية.
  • الطابق الرابع: دائري الشكل، مزود بأعمدة تحمل عقود تنتهي بمثلثات، تعلوها مقرنصات وفوقها شرفة.

التوسعة السعودية الكبرى وإضافة ست مآذن جديدة

بين الأعوام 1406هـ إلى 1414هـ، ومع التوسع الكبير الذي شهدته المملكة العربية السعودية في البنية التحتية للحرمين الشريفين، تم إضافة ست مآذن جديدة ليصل عددها الإجمالي إلى عشر مآذن، حيث صممت هذه المآذن الجديدة بحيث تتماشى مع الطراز المعماري لمآذن التوسعة السعودية الأولى.

وقد تم توزيعها بحيث توجد أربع منها في الجهة الشمالية، ومئذنة عند الزاوية الجنوبية الشرقية، وأخرى عند الزاوية الجنوبية الغربية.

التصميم المعماري الفريد للمآذن الحديثة

تتميز المآذن الحديثة بتصميمها الفريد الذي يجمع بين الفن الإسلامي الكلاسيكي والهندسة الحديثة، وتتكون كل مئذنة من خمسة طوابق بارتفاعات وأشكال متناسقة:

  • الطابق الأول: مربع الشكل، وهو الجزء السفلي من المئذنة، ويتميز بزخارف مستوحاة من العمارة الإسلامية.
  • الطابق الثاني: مثمن الشكل، بقطر 5.50 متر، ومغطى بالحجر الصناعي الملون، يزين كل ضلع ثلاثة أعمدة من الرخام الأبيض تنتهي بعقود ومقرنصات تحمل شرفة مثمنة الشكل.
  • الطابق الثالث: مستدير الشكل، قطره 5 أمتار، وارتفاعه 18 مترًا، مطلي بلون رصاصي داكن، مزخرف بحلقات بارزة مموجة مكونة اثني عشر حزامًا تنتهي بمقرنصات تحمل شرفة مستديرة.
  • الطابق الرابع: دائري الشكل، قطره 4.50 متر، وارتفاعه 15 مترًا، يحتوي على ثمانية أقواس تستند إلى أعمدة رخامية بيضاء، ويعلوه مقرنصات تحمل شرفة دائرية أنيقة.
  • الطابق الخامس: يبدأ بأسطوانة مضلعة ثم ينتهي بتاج مزخرف يحمل الجزء العلوي المخروطي الشكل، والذي تعلوه قبة بصلية الشكل تتوجها هلال برونزي ارتفاعه 6.70 أمتار، ووزنه 4.5 أطنان، مطلي بذهب عيار 14 قيراطًا.

مآذن المسجد النبوي: بين الجمال الهندسي والدور الديني

تعد مآذن المسجد النبوي تحف معمارية متقنة، فهي ليست مجرد أبراج مرتفعة تؤدي وظيفة رفع الأذان، بل هي رمز إسلامي يعكس التطور العمراني للحرمين الشريفين عبر العصور.

وتجمع المآذن العشر بين العراقة والحداثة، حيث تحتفظ المآذن القديمة بعبق التاريخ الإسلامي، بينما تضيف المآذن الحديثة لمسة هندسية متطورة تعكس الاهتمام السعودي بتطوير المسجد النبوي.

مآذن المسجد النبوي رمز خالد يعكس تطور العمارة الإسلامية

مع استمرار التطوير المستمر في مشاريع الحرمين الشريفين، تبقى مآذن المسجد النبوي رمز إسلامي خالد وشاهد على تطور العمارة الإسلامية، فهي ليست فقط جزء من البنية العمرانية، بل أيضًا تحمل معاني روحانية عظيمة ترتبط برفع الأذان، النداء الذي يصدح في أرجاء المدينة المنورة منذ أكثر من 1400 عام، ليكون شاهد على عظمة الإسلام وجمال العمارة الإسلامية المتجددة.