السعودية تكشف لأول مرة تفاصيل طرد السفير الأمريكي في الرياض بسبب صفقة كبيرة مع الصين

السعودية تكشف لأول مرة تفاصيل طرد السفير الأمريكي في الرياض
  • آخر تحديث

شهدت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لحظة توتر غير مسبوقة عندما تم طرد السفير الأمريكي من الرياض خلال 24 ساعة، وذلك بعد تدخله في صفقة الصواريخ الباليستية الصينية المعروفة باسم "رياح الشرق"، والتي اعتبرتها المملكة خطوة استراتيجية لتعزيز قدراتها الدفاعية.

السعودية تكشف لأول مرة تفاصيل طرد السفير الأمريكي في الرياض

وكشف الأمير اللواء المتقاعد فيصل بن جلوي في مقابلة تلفزيونية تفاصيل هذه الحادثة المثيرة، مسلط الضوء على موقف القيادة السعودية من التدخلات الأجنبية وحرصها على حماية السيادة الوطنية.

استعراض الصواريخ الباليستية في السعودية: خطوة استراتيجية بتوقيت حساس

تحدث الأمير فيصل بن جلوي عن أهمية عرض صواريخ "رياح الشرق" في ذلك الوقت، مؤكدًا أن التوقيت كان محسوب بعناية ويحمل رسائل واضحة للداخل والخارج، مشيرا إلى أن هذا الحدث لم يكن مجرد استعراض عسكري، بل خطوة استراتيجية عميقة المغزى تعكس التوجه السعودي في تعزيز قدراتها الدفاعية المستقلة.

وأضاف الأمير أن الدلالات السياسية والعسكرية لهذا العرض لم تكن خافية على أحد، حيث كانت المملكة حريصة على التأكيد بأنها تمتلك القدرة على الدفاع عن أمنها القومي بعيد عن الضغوط الخارجية أو الإملاءات الدبلوماسية.

كيف تجاوز السفير الأمريكي حدود الدبلوماسية؟ الطلب الذي أغضب القيادة السعودية

وكشف الأمير فيصل أن الأزمة بدأت عندما تقدم السفير الأمريكي في الرياض بطلب غير مسبوق، حيث طالب بأن يتم إشراف أمريكي مباشر على صواريخ "رياح الشرق" ومعرفة تفاصيل قدراتها التشغيلية.

وهو ما اعتبره الملك فهد رحمه الله تجاوزًا خطيرًا للخطوط الحمراء وانتهاك واضح للسيادة السعودية.

وأشار الأمير إلى أن هذا الطلب لم يكن مجرد استفسار دبلوماسي عابر، بل كان محاولة مباشرة للتدخل في شؤون الدفاع السعودي، وهو الأمر الذي قوبل برفض قاطع من القيادة، ما دفع الملك فهد لاتخاذ إجراء صارم وغير متوقع ضد السفير الأمريكي.

الملك فهد يصدر قراره الحاسم: السفير الأمريكي غير مرغوب فيه وعليه مغادرة الرياض فورًا

بعد تقديم الطلب الذي اعتبره الملك "تجاوز غير مقبول"، جاء القرار الحاسم من الملك فهد بعدم السماح للسفير الأمريكي بالبقاء ليلة أخرى في الرياض.

وأوضح الأمير فيصل بن جلوي أن السفير الأمريكي أُجبر على مغادرة العاصمة خلال 24 ساعة فقط، حيث انتقل إلى المنطقة الشرقية في نفس الليلة، تنفيذ لقرار الملك الذي قال إنه "لن يسمح له بقضاء ليلة أخرى في الرياض".

وتعتبر هذه الخطوة واحدة من أقوى الإجراءات الدبلوماسية السعودية ضد التدخلات الأجنبية، حيث أراد الملك فهد إرسال رسالة واضحة مفادها أن السيادة السعودية خط أحمر، ولا يمكن لأي جهة، مهما كانت، أن تملي على المملكة قراراتها فيما يخص أمنها القومي.

لماذا كانت صفقة "رياح الشرق" حساسة؟ وما علاقتها بالموقف الأمريكي؟

صفقة صواريخ "رياح الشرق" التي حصلت عليها السعودية من الصين في الثمانينات كانت واحدة من أكبر الصفقات الدفاعية التي أبرمتها المملكة في ذلك الوقت، وتعود حساسية هذه الصفقة إلى عدة عوامل، من بينها:

  • التوازن العسكري في المنطقة: كانت السعودية تسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية وسط التحديات الأمنية الإقليمية.
  • التوترات الدولية: اعتبرت واشنطن أن امتلاك الرياض لهذه الصواريخ قد يؤثر على موازين القوى في المنطقة، مما دفعها لمحاولة فرض رقابة غير مبررة على هذه الأسلحة.
  • استقلالية القرار السعودي: كانت المملكة مصممة على إبرام صفقاتها الدفاعية بعيد عن الضغوط الغربية، وهو ما أكدته بردها الصارم على الطلب الأمريكي.

ماذا يعني طرد السفير الأمريكي؟ دلالة القرار السعودي في المشهد السياسي الدولي

لم يكن طرد السفير الأمريكي مجرد رد فعل غاضب، بل كان قرار سياديا له دلالات سياسية عميقة، حيث أرسلت السعودية من خلاله عدة رسائل:

  • التأكيد على استقلالية القرار السعودي في الشؤون الدفاعية وعدم السماح لأي دولة، مهما كانت علاقاتها بالمملكة، بالتدخل في سياساتها العسكرية.
  • إعادة ضبط العلاقة مع الولايات المتحدة، حيث أوضحت المملكة أنها شريك قوي ومستقل، وليس تابعًا يملي عليه الآخرون قراراته.
  • إظهار الحزم في قضايا الأمن القومي، وهو ما عزز مكانة السعودية كقوة إقليمية تمتلك القدرة على اتخاذ قرارات سيادية قوية دون الخضوع لأي ضغوط دولية.

موقف تاريخي يعكس سيادة المملكة ووضوح رؤيتها الدفاعية

تظل هذه الحادثة واحدة من أكثر المواقف التاريخية قوة في العلاقات الدبلوماسية السعودية-الأمريكية، حيث أوضح الملك فهد موقفه بشكل لا يقبل التفسير أو التأويل: "السيادة السعودية غير قابلة للتفاوض، وأمن المملكة شأن داخلي لا يمكن لأي جهة خارجية التدخل فيه."

وقد أثبتت هذه الواقعة أن المملكة العربية السعودية لا تتهاون في قضايا أمنها القومي، وأنها قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة لحماية سيادتها، حتى في مواجهة القوى العظمى.