سلوك شائع في الشرقية أفسد رمضان هذا العام

سلوك شائع في الشرقية أفسد رمضان هذا العام
  • آخر تحديث

تعد "الغبقة" الرمضانية من أبرز العادات الاجتماعية التي تشتهر بها دول الخليج العربي، وخاصة في المنطقة الشرقية من السعودية، حيث تمثل تجمع يجمع الأهل والأصدقاء بين وجبتي الإفطار والسحور في أجواء ودية مفعمة بالروحانية.

سلوك شائع في الشرقية أفسد رمضان هذا العام 

وتضم موائد الغبقة مختلف الأطباق الشعبية التي تعكس التراث الخليجي، وتتحول الجلسات إلى سهرات ممتدة حتى ساعات الفجر، يتبادل فيها الحاضرون الأحاديث الشيقة، ويتسامرون وسط فقرات من الألغاز والقصص الشعبية، ما يعكس الألفة والمودة بين المجتمع.

ولكن مع مرور الزمن، شهدت هذه العادة تحولات كبيرة جعلتها تأخذ طابع مختلف عن جوهرها البسيط، لتصبح عند البعض فرصة للتفاخر والمباهاة بالمظاهر الفاخرة.

الغبقة بين الماضي والحاضر: كيف تحولت من تجمع ودي إلى مناسبة للبذخ والمنافسة؟

في السابق، كانت الغبقة الرمضانية تجمع بسيط بعد صلاة التراويح، يجتمع فيه الأهل والجيران على سفرة متواضعة تضم الأكلات الشعبية مثل اللقيمات، السنبوسة، والهريس، وتقدم القهوة العربية والتمر في أجواء من البساطة والحميمية.

لم تكن هناك حاجة للحجز في قاعات فاخرة أو تقديم أطباق عالمية، بل كان اللقاء قائما على روح المحبة والتآلف دون أي تكلف زائد.

أما اليوم، فقد تغيرت ملامح الغبقة بشكل كبير، وأصبحت لدى البعض مناسبة للاستعراض والتفاخر بمستوى الضيافة الفاخرة. بعض الغبقات تقام في قاعات احتفالات مزينة بأرقى الديكورات، وتقدم فيها وجبات من مختلف المطابخ العالمية، حتى أن البعض يدعو شخصيات مؤثرة ومشاهير لإضفاء لمسة من "التألق الاجتماعي".

بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلى تقديم هدايا ثمينة للحضور، مما جعل الغبقة الرمضانية تتحول إلى حدث مبالغ فيه أشبه بحفل زفاف فاخر!

التأثير السلبي للغبقات الفاخرة: بين الضغوط الاجتماعية وانحراف الهدف الرمضاني

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من الشائع توثيق تفاصيل الغبقات، بدء من الأجواء الفاخرة، والمأكولات المميزة، وصولا إلى الفقرات الترفيهية، مما وضع الكثير من العائلات تحت ضغوط اجتماعية لمجاراة هذا الاتجاه.

لم يعد الأمر مجرد لقاء ودي، بل أصبح البعض يشعر بالحرج إذا لم يتمكن من إقامة غبقة مشابهة في منزله أو استئجار قاعة فاخرة، مما يخلق فجوة بين الطبقات الاجتماعية، ويجعل المظاهر تطغى على المعنى الحقيقي للشهر الفضيل.

رأي الدين في البذخ خلال الولائم الرمضانية

يرى علماء الدين أن شهر رمضان يقوم على التواضع والشعور بالفقراء، وأن الإسراف في الولائم الرمضانية يتنافى مع قيم الإسلام التي تدعو إلى الاعتدال.

ويؤكدون أن الأفضل هو تخصيص جزء من هذه المصاريف لمساعدة المحتاجين، بدلا من إنفاقها على مظاهر الترف الزائد، فالمبالغة في الموائد والديكورات لا تتناسب مع الجوهر الروحي للشهر الكريم، الذي يجب أن يكون فرصة لتعزيز التكافل الاجتماعي وليس لمنافسة غير ضرورية في الإسراف.

الغبقة بين الاحتفال والاعتدال: كيف نحافظ على قيمتها الحقيقية؟

ليس هناك مشكلة في الاحتفال بشهر رمضان بطريقة جميلة، لكن عندما تتحول الغبقة إلى سباق في الصرف والتفاخر، فإن ذلك يبعدها عن جوهرها الحقيقي.

يمكننا أن نحافظ على هذه العادة الجميلة من خلال تنظيم لقاءات رمضانية تجمع بين الأهل والأصدقاء بروح البساطة، بعيد عن التكاليف الباهظة.

يكفي تقديم أطعمة شعبية تقليدية، وتوفير أجواء دافئة يسودها الود والتراحم، دون الحاجة إلى تحويلها إلى حدث استعراضي.

العودة إلى جوهر رمضان الحقيقي

رمضان هو شهر الرحمة والتكافل، وليس مناسبة للتفاخر الاجتماعي أو الاستعراض. وعلى الرغم من أن الغبقة الرمضانية تبقى من العادات الجميلة التي تعزز الروابط الاجتماعية، إلا أن الاعتدال هو المفتاح للحفاظ على قيمتها الأصيلة.

فبدلا من أن تكون الغبقة فرصة للتباهي، يجب أن تكون فرصة للتواصل الحقيقي، وتعزيز روح الأخوة والمحبة التي تجمع أفراد المجتمع في هذا الشهر الفضيل.